فصل: قال ابن الجوزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن عطية:

{مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)}.
الضمير في {أشهدتهم} عائد علىلكفار، وعلى الناس بالجملة، فتتضمن الآية الرد على طوائف من المنجمين، وأهل الطبائع، والمتحكمين من الأطباء، وسواهم من كل من يتخوض في هذه الأشياء.
قال القاضي أبو محمد: وحدثني أبي رضي الله عنه، قال: سمعت الفقيه أبا عبد الله محمد بن معاد المهدوي بالمهدية، يقول سمعت عبد الحق الصقلي يقول هذا القول ويتأول هذا التأويل في هذه الآية، وأنها رادة على هذه الطوائف، وذكر هذا بعض الأصوليين، وقيل الضمير في {أشهدتهم} عائد على ذرية إبليس، فهذه الآية، على هذا تتضمن تحقيرهم، والقول الأول أعظم فائدة، وأقول: إن الغرض المقصود أولًا بالآية، هم إبليس وذريته، وبهذا الوجه يتجه الرد على الطوائف المذكورة وعلى الكهان والعرب المصدقين لهم والمعظمين للجن حين يقولون أعوذ بعزيز هذا الوادي، إذ الجميع من هذه الفرق متعلقون بإبليس وذريته، وهم أضلوا الجميع، فهم المراد الأول ب {المضلين}، وتندرج هذه الطوائف في معناهم، وقرأ الجمهور، {وما كنتُ} وقرأ أبو جعفر والجحدري والحسن بخلاف {وما كنتَ}، والصفة ب {المضلين}، تترتب في الطوائف المذكورة، وفي ذرية إبليس لعنه الله، والعضد استعارة للمعين المؤازر، وهو تشبيه بالعضد للإنسان الذي يستعين به، وقرأ الجمهور: {عَضُدًا} بفتح العين وضم الضاد، وقرأ أبو عمرو والحسن بضمهما، وقرأ الضحاك بكسر العين وفتح الضاد، وقرأ عكرمة {عُضْدًا} بضم العين وسكون الضاد، وقرأ عيسى بن عمر: {عَضَدًا} بفتح العين والضاد، وفيه لغات غير هذا لم يقرأ بها، وقوله: {ويوم يقول} الآية وعيد، المعنى واذكر يوم، وقرأ طلحة ويحيى والأعمش وحمزة {نقول} بنون العظمة، وقرأ الجمهور بالياء أي {يقول} الله تعالى للكفار الذين أشركوا به من الدنيا سواه: {نادوا شركائي} أي على وجه الاستغاثة بهم، وقوله: {شركائي} أي على دعواكم أيها المشركون وقد بين هذا بقوله: {الذين زعمتم} وقرأ ابن كثير وأهل مكة {شركاي} بياء مفتوحة، وقرأ الجمهور: {شركائي} بهمزة. فمنهم من حققها، ومنهم من خففها، والزعم إنما هو مستعمل أبدًا في غير اليقين، بل أغلبه في الكذب، ومنه هذه الآية، وأرفع موضعه أن يستعمل زعم بمعنى أخبر، حيث تبقى عهدة الخبر على المخبر، كما يقول سيبويه رحمه الله: زعم الخليل. وقوله: {فدعوهم} فلم يستجيبوا لهم ظاهره أن ذلك يقع حقيقة، ويحتمل أن يكون استعارة، كأن فكرة الكفار ونظرهم في أن تلك الجمادات، لا تغني شيئًا ولا تنفع، هي بمنزلة الدعاء وترك الإجابة، والأول أبين، واختلف المتأولون في قوله: {موبقًا} قال عبد الله ابن عمرو وأنس بن مالك ومجاهد: هو واد في جهنم يجري بدم وصديد، قال أنس: يحجز بين أهل النار وبين المؤمنين، فقوله على هذا {بينهم} ظرف، وقال الحسن {موبقًا} معناه عداوة و{بينهم} على هذا ظرف، وبعض هذه الفرقة، يرى أن الضمير في قوله: {بينهم} يعود على المؤمنين والكافرين، ويحتمل أن يعود على المشركين ومعبوداتهم، وقال ابن عباس {موبقًا} معناه مهلكًا بمنزلة موضع وهو من قولك وبق الرجل وأوبقه غيره إذا أهلكه، فقوله: {بينهم} على هذا التأويل، يصح أن يكون ظرفًا، والأظهر فيه أن يكون اسمًا، بمعنى جعلنا تواصلهم أمرًا مهلكًا لهم، ويكون {بينهم} مفعولًا أولًا لـ: {جعلنا}، وعبر بعضهم عن الموبق بالموعد وهذا ضعيف. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {ما أشهدتُهم خَلْق السموات والأرضِ}.
وقرأ أبو جعفر، وشيبة: {ما أشهدناهم} بالنون والألف.
وفي المشار إِليهم أربعة أقوال.
أحدها: إِبليس وذريته.
والثاني: الملائكة.
والثالث: جميع الكفار.
والرابع: جميع الخلق؛ والمعنى: إِني لم أشاورهم في خلقهن؛ وفي هذا بيان للغَناء عن الأعوان، وإِظهار كمال القدرة.
قوله تعالى: {ولا خَلْقَ أنفسهم} أي: ما أشهدت بعضَهم خَلْقَ بعض، ولا استعنت ببعضهم على إِيجاد بعض.
قوله تعالى: {وما كنتُ مُتَّخذَ المضِلِّين} يعني: الشياطين {عَضُدًا} أي: أنصارًا وأعوانًا.
والعَضُد يستعمل كثيرًا في معنى العون، لأنه قِوام اليد، قال الزجاج: والاعتضاد: التقوِّي وطلب المعونة، يقال: اعتضدت بفلان، أي: استعنت به.
وفي ما نفى اتخاذهم عضدًا فيه قولان.
أحدهما: أنه الولايات، والمعنى: ما كنت لأولي المضلِّين، قاله مجاهد.
والثاني: أنه خَلْق السموات والأرض، قاله مقاتل.
وقرأ الحسن، والجحدري، وأبو جعفر: {وما كنتَ} بفتح التاء.
قوله تعالى: {ويوم يقول} وقرأ حمزة: {نقول} بالنون، يعني: يوم القيامة {نادوا شركائيَ} أضاف الشركاء إِليه على زعمهم، والمراد: نادوهم لدفع العذاب عنكم، أو الشفاعة لكم، {الذين زعمتم} أي: زعمتموهم شركاء {فَدَعَوْهم فلم يستجيبوا لهم} أي: لم يجيبوهم، {وجعلنا بينهم} في المشار إِليهم قولان.
أحدهما: أنهم المشركون والشركاء.
والثاني: أهل الهدى وأهل الضلالة.
وفي معنى {مَوْبقًا} ستة أقوال.
أحدها: مَهْلِكًا، قاله ابن عباس، وقتادة، والضحاك.
وقال ابن قتيبة: مَهْلِكًا بينهم وبين آلهتهم في جهنم، ومنه يقال: أَوبَقتْه ذنوبُه، أي: أهلكتْه.
قال الزجاج: المعنى: جعلنا بينهم من العذاب ما يوبقهم، أي: يهلكهم، فالمَوْبق: المهلك، يقال: وَبِق، يَيْبَقُ، ويابَق، وبَقًا، ووَبَق، يَبِق، وُبُوقًا، فهو وابق؛ وقال الفراء: جعلنا تواصُلهم في الدنيا مَوْبِقًا، أي: مَهْلِكًا لهم في الآخرة، فالبَيْن، على هذا القول، بمعنى التواصل، كقوله تعالى: {لقد تَقَطَّع بينُكم} [الأنعام: 94] على قراءة من ضمن النون.
والثاني: أن المَوْبِق: وادٍ عميق يُفرَّق به بين أهل الضلالة وأهل الهدى، قاله عبد الله بن عمرو.
والثالث: أنه وادٍ في جهنم، قاله أنس بن مالك، ومجاهد.
والرابع: أن معنى المَوْبِق: العدواة، قاله الحسن.
والخامس: أنه المَحْبِس، قاله الربيع بن أنس.
والسادس: أنه المَوْعِد، قاله أبو عبيدة.
قال ابن الأنباري: إِن قيل: لم قال: {مَوْبِقًا} ولم يقل: مُوبِقًا، بضم الميم، إِذ كان معناه عذابًا مُوبقًا؟
فالجواب: أنه اسم موضوع لمَحْبِس في النار، والأسماء لا تؤخذ بالقياس، فيُعلم أن {مَوْبِقًا}: مَفْعِل، من أوبقه الله: إِذا أهلكه، فتنفتح الميم، كما تنفتح في مَوْعِد ومَوْلِد ومَحْتِد إِذا سمّيت الشخوص بهنَّ. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السماوات والأرض وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ}.
قيل: الضمير عائد على إبليس وذريته؛ أي لم أشاورهم في خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم، بل خلقتهم على ما أردت.
وقيل: ما أشهدت إبليس وذريته خلق السموات والأرض {ولا خلق أنفسهم} أي أنفس المشركين فكيف اتخذوهم أولياء من دوني؟.
وقيل: الكناية في قوله: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ} ترجع إلى المشركين، وإلى الناس بالجملة، فتتضمن الآية الرد على طوائف من المنجّمين وأهل الطبائع والمتحكمين من الأطباء وسواهم من كل من يتخوّض في هذه الأشياء.
وقال ابن عطية: وسمعت أبي رضي الله عنه يقول: سمعت الفقيه أبا عبد الله محمد بن معاذ المهدويّ بالمهدية يقول: سمعت عبد الحق الصقليّ يقول هذا القول، ويتأوّل هذا التأويل في هذه الآية، وأنها رادة على هذه الطوائف، وذكر هذا بعض الأصوليين.
قال ابن عطية وأقول: إن الغرض المقصود أولًا بالآية هم إبليس وذريته؛ وبهذا الوجه يتجه الرد على الطوائف المذكورة، وعلى الكهان والعرب والمعظمين للجن؛ حين يقولون: أعوذ بعزيز هذا الوادي؛ إذ الجميع من هذه الفرق متعلقون بإبليس وذريته وهم أضلوا الجميع، فهم المراد الأوّل بالمضلّين؛ وتندرج هذه الطوائف في معناهم.
قال الثعلبي: وقال بعض أهل العلم {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} ردّ على المنجّمين أن قالوا: إنّ الأفلاك تُحدث في الأرض وفي بعضها في بعض، وقوله: {والأرضِ} ردّ على أصحاب الهندسة حيث قالوا: إن الأرض كريّة والأفلاك تجري تحتها، والناس ملصَقون عليها وتحتها، وقوله: {ولا خلق أنفسهم} ردّ على الطبائعيين حيث زعموا أن الطبائع هي الفاعلة في النفوس.
وقرأ أبو جعفر {ما أشهدناهم} بالنون والألف على التعظيم.
الباقون بالتاء بدليل قوله: {وما كنت متخذ} يعني ما استعنتهم على خلق السموات والأرض ولا شاورتهم.
{وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المضلين} يعني الشياطين. وقيل: الكفار.
{عَضُدًا} أي أعوانًا.
يقال: اعتضدتُ بفلان إذا استعنتَ به وتقويتَ.
والأصل فيه عضد اليد، ثم يوضع موضع العون؛ لأن اليد قوامها العضد.
يقال: عَضَده وعَاضَدَه على كذا إذا أعانه وأعزّه.
ومنه قوله: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} [القصص: 35] أي سنعينك بأخيك.
ولفظ العضد على جهة المثَل، والله سبحانه وتعالى لا يحتاج إلى عون أحد.
وخصّ المضلّين بالذكر لزيادة الذم والتوبيخ.
وقرأ أبو جعفر الجَحْدَريّ {وَمَا كُنْتَ} بفتح التاء؛ أي وما كنت يا محمد متخذ المضلّين عضدا.
وفي عضد ثمانية أوجه: {عَضُدًا} بفتح العين وضم الضاد وهي قراءة الجمهور، وهي أفصحها.
و{عَضْدًا} بفتح العين وإسكان الضاد، وهي لغة بني تميم.
و{عُضُدًا} بضم العين والضاد، وهي قراءة أبي عمرو والحسن.
و{عُضْدًا} بضم العين وإسكان الضاد، وهي قراءة عكرمة.
و{عِضَدًا} بكسر العين وفتح الضاد، وهي قراءة الضحاك.
و{عَضَدًا} بفتح العين والضاد وهي قراءة عيسى بن عمر.
وحكى هارون القارىء {عَضِدًا}.
واللغة الثامنة {عِضْدا} على لغة من قال: كِتْف وفِخْذ.
قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُواْ شُرَكَآئِيَ الذين زَعَمْتُمْ} أي اذكروا يوم يقول الله: أين شركائي؟ أي ادعوا الذين اشركتموهم بي فليمنعوكم من عذابي.
وإنما يقول ذلك لعبدة الأوثان.
وقرأ حمزة ويحيى وعيسى بن عمر {نقول} بنون.
الباقون بالياء؛ لقوله: {شركائي} ولم يقل: شركائنا.
{فَدَعَوْهُمْ} أي افعلوا ذلك.
{فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ} أي لم يجيبوهم إلى نصرهم، ولم يكفّوا عنهم شيئًا.
{وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقًا} قال أنس بن مالك: هو وادٍ في جهنم من قيح ودم.
وقال ابن عباس: أي وجعلنا بين المؤمنين والكافرين حاجزًا.
وقيل: بين الأوثان وعبدتها، نحو قوله: {فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ} [يونس: 28] قال ابن الأعرابي: كل شيء حاجز بين شيئين فهو مَوْبق.
وذكر ابن وهب عن مجاهد في قوله تعالى: {مَوْبِقا} قال وادٍ في جهنم يقال له مَوْبق.
وكذلك قال نَوْف البِكَاليّ إلا أنه قال: يحجز بينهم وبين المؤمنين.
عِكرمة: هو نهر في جهنم يسيل نارًا، على حافتيه حيات مثل البغال الدّهم، فإذا ثارت إليهم لتأخذهم استغاثوا منها بالاقتحام في النار.
وروى زيد بن درهم عن أنس بن مالك قال: {مَوْبقا} وادٍ من قيح ودم في جهنم.
وقال عطاء والضحاك: مَهْلِكا في جهنم؛ ومنه يقال: أوبقته ذنوبه إِيباقا.
وقال أبو عبيدة: موعدًا للهلاك.
الجوهري: وَبَق يبِق وبوقا هَلَك، والمَوْبِق مثل الموعد مَفعِل من وعد يعِد، ومنه قوله تعالى: {وجعلنا بينهم موبقا}.
وفيه لغة أخرى: وَبِق يَوْبَق وَبَقًا.
وفيه لغة ثالثة: وَبِق يَبِق بالكسر فيهما، وأوبقه أي أهلكه.
وقال زهير:
ومن يشتري حُسنَ الثَّناءِ بمالِهِ ** يَصُنْ عِرضَه من كلّ شَنْعاء مُوبِقُ

قال الفرّاء: جعل تواصلهم في الدنيا مَهلِكا لهم في الآخرة. اهـ.

.قال أبو حيان:

وقرأ الجمهور: {ما أشهدتهم} بتاء المتكلم.
وقرأ أبو جعفر وشيبة والسبختياني وعون العقيلي وابن مقسم: ما أشهدناهم بنون العظمة، والظاهر عود ضمير المفعول في {أشهدتهم} على إبليس وذريته أي لم أشاورهم في {خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم} بل خلقتهم على ما أردت، ولهذا قال: {وما كنت متخذ المضلين عضدًا}.
وقال الزمخشري: يعني إنكم اتخذتم شركاء لي في العبادة وإنما كانوا يكونون شركاء فيها لو كانوا شركاء في الإلهية فنفي مشاركتهم في الإلهية بقوله: {ما أشهدتهم خلق السموات والأرض} لا أعتضد بهم في خلقها {ولا خلق أنفسهم} أي ولا أشهدت بعضهم خلق بعض كقوله: {ولا تقتلوا أنفسكم} وما كنت متخذهم أعوانًا فوضع {المضلين} موضع الضمير ذمًا لهم بالإضلال فإذا لم يكونوا لي {عضدًا} في الخلق فما لكم تتخذونهم شركاء في العبادة انتهى.
وقيل: يعود على الملائكة والمعنى أنه ما أشهدهم ذلك ولا استعان بهم في خلقها بل خلقتهم ليطيعوني ويعبدوني فكيف يعبدونهم.
وقيل: يعود على الكفار.
وقيل: على جميع الخلق.
وقال ابن عطية: الضمير في {أشهدتهم} عائد على الكفار وعلى الناس بالجملة، فتتضمن الآية الرد على طوائف من المنجمين وأهل الطبائع والمتحكمين والأطباء وسواهم من كل من يتخرص في هذه الأشياء، وقاله عبد الحق الصقلي وتأول هذا التأويل في هذه الآية وأنها رادة على هذه الطوائف، وذكر هذا بعض الأصوليين انتهى.
وقرأ أبو جعفر والجحدري والحسن وشيبة {وما كنت} بفتح التاء خطابًا للرسول صلى الله عليه وسلم.
قال الزمخشري: والمعنى وما صح لك الاعتضاد بهم، وما ينبغي لك أن تعتز بهم انتهى.
والذي أقوله أن المعنى إخبار من الله عن نبيه وخطاب منه تعالى له في انتفاء كينونته متخذ عضد من المضلين، بل هو مذ كان ووجد عليه السلام في غاية التبرّي منهم والبعد عنهم لتعلم أمته أنه لم يزل محفوظًا من أول نشأته لم يعتضد بمضل ولا مال إليه صلى الله عليه وسلم.
وقرأ عليّ بن أبي طالب متخذًا المضلين أعمل اسم الفاعل.
وقرأ عيسى {عضدًا} بسكون الضاد خفف فعلًا كما قالوا: رجل وسبع في رجل وسبع وهي لغة عن تميم، وعنه أيضًا بفتحتين.
وقرأ شيبة وأبو عمر وفي رواية هارون وخارجة والخفاف {عضدًا} بضمتين، وعن الحسن {عضدًا} بفتحتين وعنه أيضًا بضمتين.
وقرأ الضحاك {عضدًا} بكسر العين وفتح الضاد.
وقرأ الجمهور: {ويوم يقول} بالياء أي الله.
وقرأ الأعمش وطلحة ويحيى وابن أبي ليلى وحمزة وابن مقسم: نقول بنون العظمة أي للذين أشركوا به في الدنيا {نادوا شركائي} وليس المعنى أنه تعالى أخبر أنهم شركاؤه ولكن ذلك على زعمكم، والإضافة تكون بأدنى ملابسة ومفعولًا {زعمتم} محذوفان لدلالة المعنى عليهما إذ التقدير زعمتموهم شركائي والنداء بمعنى الاستغاثة، أي استغيثوا بشركائكم والمراد نادوهم لدفع العذاب عنكم أو للشفاعة لكم، والظاهر أن الضمير في {بينهم} عائد على الداعين والمدعوين وهم المشركون والشركاء.
وقيل: يعود على أهل الهدى وأهل الضلالة، والظاهر وقوع الدعاء حقيقة وانتفاء الإجابة.
وقيل: يحتمل أن يكون استعارة كأن فكرة الكافر ونظره في أن تلك الجمادات لا تغني شيئًا ولا تنفع هي بمنزلة الدعاء وترك الإجابة.
وقرأ الجمهور: {شركائي} ممدودًا مضافًا للياء، وابن كثير وأهل مكة مقصورًا مضافًا لها أيضًا، والظاهر انتصاب {بينهم} على الظرف.
وقال الفراء: البين هنا الوصل أي {وجعلنا} نواصلهم في الدنيا هلاكًا يوم القيامة، فعلى هذا يكون مفعولًا أول لجعلنا، وعلى الظرف يكون في موضع المفعول الثاني.
وقال ابن عباس وقتادة والضحاك: الموبق المهلك.
وقال الزجاج: جعلنا بينهم من العذاب ما يوبقهم.
وقال عبد الله بن عمر وأنس ومجاهد: واد في جهنم يجري بدم وصديد.
وقال الحسن: عداوة.
وقال الربيع بن أنس: إنه المجلس.
وقال أبو عبيدة: الموعد. اهـ.